حين أُعلن عن مسلسل "الغاوي" من بطولة أحمد مكي، توقع الكثيرون عملًا دراميًا يحمل بصمة مختلفة لمكي، خاصة وأنه العمل الأول له بعد خروجه من عباءة "الكبير" على مدار السنوات الماضية، ولكن ظلت مجرد محاولة ركيكة للخروج عن المألوف، لا تلائم مكانة بطلها في قلوب متابعيه.
حاول العمل في بداياته السخرية من الكليشيهات المتكررة في الدراما الشعبية المصرية: الشاب الموهوب ابن الحارة، الظلم الاجتماعي، والرحلة الصعبة نحو الحلم، والعراك والصوت العال طيلة الوقت بالحارة المصرية، ولكن للمفارقة المحزنة وقع "الغاوي" في الفخ نفسه، وكرر نفس القوالب التي كان يتهكّم عليها، دون أن يقدّم شيئًا جديدًا في الأحداث والقصة أو حتى في شخصية الشرير الذي يمتلك نفوذًا كبيرًا، حتى تُشرق شمسنا بالعمل فتقلب إمبراطوريته رأسًا على عقب، وهي تيمة مكررة في أغلب الأعمال الشعبية، وإن كان الاجتهاد فقط كان موفقًا بملامح شخصية الشرير وخاصة شكل الشخصية الخاصة بعمرو عبدالجليل، ولكن يظل أدائه كما هو بأعماله السابقة.
افتقر العمل إلى خط درامي واضح. فالأحداث كانت تتحرك بلا منطق زمني أو تطوّر طبيعي. بعض المشاهد تمّ تقديمها وكأنها مفصولة عن السياق العام، في حين بدت التحولات في شخصيات الأبطال مفاجئة، بل أحيانًا غير مبررة على الإطلاق، وهو ما يأخذنا إلى واحدة من أكبر مشاكل المسلسل والتي تكمن في الأداء الباهت لمعظم الممثلين. أحمد مكي رغم حضوره المعروف لم يُقنع في هذا الدور ولم يقدم الجديد، وهو الأمر ذاته فيما يخص عائشة بن أحمد، حتى عصابة شمس لم يقدم أحد الأداء المقبول وخاصة كرم جابر والذي يمتلك ظهور مميز على الشاشة ولكن بأداء ضعيف يحتاج إلى تطوير.
ازدحم المسلسل بمواقف يصعب تصديقها، البطل الذي ينجح في الوقوف أمام زعيم عصابات يمتلك جيشًا كبيرًا، ويهزمه في كافة الجولات، لديه القدرة على استخدام التكنولوجيا والهاكر والذكاء الاصطناعي، مستعينًا في الأصل بمجموعة من المنتشين واللصوص، وهو ما يتركنا مع تيمة مكررة على وتيرة "عنتر ولبلب".
تطرّق المسلسل إلى مواضيع مهمة مثل الفقر، الفساد، غياب العدالة، لكنّه لم يمنحها العمق الكافي؛ فجاءت هذه القضايا كزينة خارجية تُضاف للمشاهد، لا كجوهر حقيقي يُبنى عليه العمل الدرامي، بل واجتهد العمل في إظهار مدى حب مكي للحمام أكثر من الانتصار لمواضيعه الرئيسية.
"الغاوي" أراد أن يكون عملًا ساخرًا، ناقدًا، خارجًا عن النمط المعتاد، لكنه في النهاية استسلم لكل ما حاول انتقاده، ويبقى فقط تتر المقدمة والنهاية والموسيقى التصويرية بشكل عام هي الرابح الكبير على مدار 15 حلقة من العمل.