انتقل إلى المحتوى

الرسالة الذهبية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الرسالة الذهبية

الرسالة الذهبية أو طب الإمام الرضا هي مجموعةٌ من النصائح والإرشادات العامة القيمة التي تنسب إلى علي بن موسى الرضا المكنى بأبي الحسن وهو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإمامية وهي رسالة في تعديل المزاج باستعمال الأغذية والأشربة والأدوية وتشمل على العلوم الطبيه مثل التشريح والأحياء والصحة والأمراض والوقاية. وتشمل أيضًا على علم الكيمياء والتغذية، والعديد من العلوم الأخرى التي كانت حصيلة تجاربه وما سمعه عن آبائه وجده رسول اللّه (ص). وهناك كثير من الكتب التي ترجمت وشرحت هذه الرسالة.

تاريخ الرسالة الذهبية

[عدل]

في المصادر التاريخية المتوفرة لم يذكر تاريخ إصدار هذه الرسالة، لكن يمكن تحديد الفترة الزمنية التي كتبت فيها بين سنة (201-203 هجري).[1]

سبب تأليفها

[عدل]

كان المأمون بـ نيسابور وكان بلاطه في معظم الأوقات ندوة من ندوات العلم والأدب. ففي يوم ما جرى ذكر الطب، وما يضمه بدن الإنسان من الأجهزة والخلايا العجيبة، وبدائع تركيب أعضائه التي تجلت فيها حكمة الخالق العظيم، وروعة قدرته. و كان في المجلس سيد ابوالحسن الرضا وجماعة من الفلاسفة والأطباء، مثل: يوحنا بن ماسويه وجبريل بن بختيشوع، وصالح بن بهلمة الهندي وغيرهم من منتحلي العلوم. وقد خاض هؤلاء القوم سوى السيد ابوالحسن في البحوث الطبية وهو صامت لم يتكلم بشئ فانبرى إليه المأمون قائلا له باكبار: ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه اليوم والذي لا بد منه من معرفة هذه الأشياء والأغذية، النافع منها، والضار وتدبير الجسد؟ فأجابه: عندي ما جربته، وعرفت صحته بالاختبار ومرور الأيام مع ما وقفني عليه من مضى من السلف مما لا يسع الإنسان جهله ولا يعذر في تركه، فأنا أجمع ذلك مع ما يقاربه مما يحتاج إلى معرفته....

و بعد فترة غادر المأمون النيسابور إلي البلخ فكتب المأمون إليه كتابا يتنجز ما كان ذكره له، مما يحتاج إلى معرفته على ماسمعه وجربه من الاطعمة، والاشربة، وأخذ الادوية، والفصد والحجامة والسواك، والحمام، والنورة، والتدبير في ذلك. فكتب إليه أبوالحسن رسالةً.[2]

فلما وصلت هذه الرسالة إلى المأمون، قرأها فأعجب بها، وأمر أن تكتب بالذهب، وكما أمر أن تكتب نسخ منها، وتوزع على أولاده وافراد أسرته، وجهاز دولته، كما أمر أن تودع نسخة منها في بيوت الحكمة.[3][4]

مصادر الرسالة

[عدل]

ينتهي إسناد هذه الرسالة في كثير من الكتب إلي محمد بن جمهور الذي تؤيد ثقته من قبل علماء الرجال [5] وهذه بعض الكتب:

  1. الشيخ الطوسي(المتوفي 460ق) في كتابه الفهرست في تعريف اثار محمد بن حسن بن جمهور عمّي بصري ذكر كتبه ومنها الرسالة الذهبية عن الرضا (عليه السلام)[6]
  2. ابن شهرآشوب المازندراني(المتوفي 588ق) في معالم العلماء ذكر تآليف محمد بن جمهور من ترجمته وكتبه ومنها: الرسالة المذهبة عن الرضا صلوات الله عليه في الطب.[7]
  3. ذكر الشيخ منتجب الدين ـ ابن بابويه ـ (المتوفي 600ق) في الفهرست في ترجمة السيّد فضل الله بن عليّ الراوندي، جملة من تآليف السيّد المذكور وعدّ منها ترجمة العلوي للطب الرضوي.[8] وإنّ هذا الكتاب هو مترجم أو مشروح للرسالة الذهبيّه.[9]
  4. العلاّمه مجلسي في توثيق المصادر« بحار الأنوار»، يعرّف هذه الرسالة باسم «طب الرضا»[10] ويعتبره من الكتب المعروفة.[11]

ولهذه الرسالة العديد من النسخ الخطية في مكاتب عالم الإسلام وذكرها فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي.[12] فهذه الشواهد التاريخية والنسخ المتوفرة منها، تعتبر قرائن دالة لانتساب هذه الرسالة للسيد علي ابن موسي الرضا.

مميزات الرسالة الذهبية

[عدل]

تتميز هذه الرسالة بأنها كتبت في موضوع واحد محدد وهو حفظ الصحة وكيفية تدبير الغذاء في مختلف فصول السنة وآداب الحمام وما يناسب الإنسان من الأطعمة ومقدارها والرياضة والنكاح مع مراعات الاعتدال. وذكر أبو الحسن في رسالته هذه أهمية السواك كما تحدث عن أهمية استخدام الأدوية حين الحاجة إليها وخاصة الحجامة والفصد وأوقاتهما، وتحدث عن مراحل عمر الإنسان وما يصلح لكل مرحلة. ومقدار النوم الذي يحتاجه في كل مرحلة من هذه المراحل.و في أثناءذلك كله يبث معلوماته بإيجاز شديد وبيان واضح مستدلًا علي ذلك بالأحاديث النبوية وينبه الخليفة المأمون إلي ما ينبغي أن يفعله في الحضر والسفر وفي اختلاف فصول السنة ويذكر كل ذلك فصلًا فصلًا وشهراً شهراً با لتقويم الشمسي مبتدياً بشهر آذار (مارس) ومنتهيًا بشهر شباط (فبراير)...و ينتهي رسالته بذكر مراحل العمر ويقسمها إلي أربع مراحل: مرحلة البناء وبداية الشباب إلي سن خمس عشرة سنة ومرحلة القوة وغلبة المرة الصفراء من سن 15 إلي 35 سنة.و في مرحلة الثالثة وهي من خمس وثلاثين سنة إلى أن يستوفى ستين سنة، فيكون في سلطان المرة السوداء ثم يدخل في مرحلة الرابعة وهي سلطان البلغم.

هذه الرسالة تفتح لنا آفاقاً كثيرة. وقيمتها ليست فحسب في كونها أول رسالة في حفظ الصحة باللغة العربية، وإنما تكمن قيمتها أيضاً في منهج مؤلفها الذي جمع فيها ما ورثه من طب النبوة عن آبائه فدمج ذلك، وصاغه بلغة أدبية رائعة، واستطاع أن يوجز تلك المعلومات الكثيرة والمتباينة والتي تميزت بالدقة وسلاسة العبارة ووضوح المعني.[13]

و أيضاً ان هذه الرسالة تمثل مرحلة تاريخية تتعلق بفن الطب وتطوره في العصر الإسلامي الأول، فهي تكشف للمعنيين بالطب وتاريخ تطوره عبر العصور غزارة علمه، وسعة اطلاعه.

أجزاء الرسالة

[عدل]
مخطوطة قديمة لرسالة.
  • المقدمة
  • الفصل الأول في تشبيه جسم الإنسان بالمملكة الصغيرة وتشريح اعضائه الرئيسية
  • الفصل الثاني في كيفية تناول الغذاء والشراب
  • الفصل الثالث في صنع نوع خاص من الشراب
  • الفصل الرابع في تأثير الافراط في تناول بعض المواد الغذائية
  • الفصل الخامس في الحمام وآدابه
  • الفصل السادس تعليمات ونصائح طبية لسلامة الأجهزة الداخلية
  • الفصل السابع ارشادات للمسافرين
  • الفصل الثامن في قوى النفس والطبائع الأربع
  • الفصل التاسع في النوم
  • الفصل العاشر في الاهتمام بصحة الاسنان
  • الفصل الحادي عشر في أصول الإنسان وقواه الجسمانية حسب الفترات الزمنية
  • الفصل الثاني عشر في آداب الحجامة
  • الفصل الثالث عشر عدم توافق تراكيب بعض المواد في البدن
  • الفصل الرابع عشر في آداب الجماع.[14]

مقتطفات من الرسالة

[عدل]

يبدأ الإمام علي الرضا رسالته بتشبيه جسم الإنسان بالمملكة الصغيرة وتشريح اعضائه الرئيسية:

«أن الله تعالي لم يبتل العبد المؤمن ببلاء حتي جعل له دواء يعالج به، ولکل صنف من الداء صنف من الدواء. إن الأجسام الإنسانية جعلت في مثال الملك، فملك الجسد هو القلب، والعمال العروق والأوصال، والدماغ وبيت الملك قلبه، وأرضه الجسد، والأعوان يداه، ورجلاه وعيناه، وشفتاه ولسانه وأذناه، وخزانته معدته وبطنه، وحجابه صدره، فاليدان عونان يقربان، ويبعدان ويعملان على ما يوحي إليهما الملك، والرجلان تنقلان الملك حيث يشاء، والعينان تدلان على ما يغيب عنه، لان الملك وراء حجاب لا يوصل إليه الا بهما، وهما سراجاه أيضا، وحصن الجسد وحرزه، والأذنان لا تدخلان على الملك إلا ما يوافقه لأنهما لا يقدران أن يدخلا شيئا.»

ووضع أبو الحسن الرضا المنهج العام للصحة العامة، وأساسها التوازن، وعدم الإسراف في الأكل والشرب، وقد أعلن القرآن هذه القاعدة في حفظ بدن الإنسان ووقايته من الإصابة بالأمراض قال تعالى: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا).

«  إن الجهاز الهضمي من أهم أجهزة الإنسان، وأكثرها حيوية وحساسية وهو يتأثر بالاسراف في الاكل الذي تنجم منه السمنة التي هي من أعظم الآفات المدمرة لبدن الإنسان. ان العناية بالتغذية خصوصا في مقتبل العمر لها تأثير كبير على الحالة الصحية في السنوات التالية كما تطيل في فترات الشباب، وهي من أحدث الوسائل في الصحة الوقائية، فما يصيب الإنسان ـ على الأكثر ـ من الأمراض المتنوعة انما هي من النتائج المباشرة لإسرافه في الطعام، والشراب، وعدم توازنه في حياته الجنسية وغيرها من شؤون حياته. لقد شبه الإمام الحكيم بدن الإنسان بالأرض الخصبة، وهو تشبيه بديع للغاية، فان الإنسان إذا اعتنى بأرضه، وسهر على اصلاحها أثمرت وأعطت أطيب الثمرات، وإذا عرض عنها، وأهملها فإنها تتلف وتموت ولا تعطي أي ثمار، وكذلك بدن الإنسان إذا أصلحه ولم يفسده بكثرة الأكل والشرب فإنه يصلح، ويتمتع بالصحة التي هي من أثمن ما يظفر به الإنسان في حياته.»

و يقول أيضاً:

«إن قوة النفس تابعة لأمزجة الأبدان، وان الأمزجة تابعة للهواء، وتتغير بحسب الهواء في الأمكنة و من المؤكد ان قوة الفكر وسلامته تابعة لصحة الجسم، فإذا كان مصابا ومبتلى بالأمراض فتضعف القوى العقلية وفي المثل العقل السليم في الجسم السليم كما أن من المؤكد ان طيب الهواء و عذوبته و عدم تلوثه من العناصر الأساسية في الصحة العامة.»

وأشار إلي منفعة الحمام للجسد:

«وإذا أردت دخول الحمام، وأن لا تجد في رأسك ما يؤذيك فابدأ عند دخول الحمام بخمس أكف ماء حار تصبها على رأسك فإنك تسلم إن شاء الله تعالى من وجع الرأس والشقيقة. ومنفعة الحمام عظيمة يؤدي إلى الاعتدال، وينقي الدرن، ويلين العصب والعروق، ويقوي الأعضاء، ويذيب الفضول، ويذهب العفن. فإذا أردت أن لا يظهر في بدنك بثرة ولا غيرها فابدأ عند دخول الحمام بتدهن بدنك بدهن البنفسج، وإذا أردت استعمال النورة، ولا يصيبك قرح، ولا شقاق ولا سواء فاغتسل بالماء البارد قبل النورة.[15]»

انظر أيضًا

[عدل]

المراجع

[عدل]
  1. ^ طب الإمام الرضا علیه السلام (الرسالة الذهبیة)،الجزء:1،المؤلف:علی بن موسی،المحقق:نجف، محمد مهدي، مکتبة النور نسخة محفوظة 16 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ بحار الأنوار،العلامة المجلسي،الجزء59،صفحة 307و308 نسخة محفوظة 26 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ کتاب حياة الإمام علي بن موسى الرضا، باقر شريف القرشي،الجزء الاول،صفحة: 199 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ نفسه،الجزء59،صفحة356 نسخة محفوظة 20 يناير 2015 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ رجال النجاشي،احمد بن علي النجاشي،صفحة62 و رجال العلامة الحلي،حسن بن یوسف الحلي،صفحة44 و معجم رجال الحدیث،السید ابوالقاسم الخوئي،الجزء15،صفحة180
  6. ^ الفهرست ،شيخ محمد بن الحسن الطوسي،تحقيق مؤسسة نشر الفقاهة،صفحة223 نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ معالم العلماء،محمد بن علي إبن شهرآشوب المازندراني،صفحة 138 نسخة محفوظة 01 2يناير5 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ الفهرست(فهرست أسماء علماء الشیعة و مصنفیهم)،منتجب الدین قمّى،صفحة96 نسخة محفوظة 01 2يناير5 على موقع واي باك مشين.
  9. ^ الذریعة إلی تصانیف الشیعة، آغا بزرك الطهراني،الجزء13،صفحة364 نسخة محفوظة 16 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ بحار الأنوار،الجزء1،صفحة11 نسخة محفوظة 20 يناير 2015 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ نفسه،صفحة30 نسخة محفوظة 20 يناير 2015 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ تاریخ التراث العربي،فؤاد سزگین، المجلد الاول،الجزء ثالث صفحة:282-283.
  13. ^ طب الإمام الرضا المعروف بالرسالة الذهبیة،محسن عقیل،نشر دار المحجة البیضاء
  14. ^ عن صفحة شبکة الإمام الرضا [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 17 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ کتاب الطب الرضا، تألیف نصير الدين الأمير الصادقي،نشر المعراجي